الجمعة، فبراير 25، 2011

أمن الدولة

الذراع الطولي....نبوت الغفير.....ورا الشمس....قول علي نفسك يا رحمن يا رحيم....أنا ما اعرفكش....كل هذه الأفكار ارتبطت بهذا الجهاز الرهيب الذي بدأت علاقة جيلي به منذ مطلع التسعينات من القرن الماضي و بالتحديد منذ بداية الدراسة الثانوية....خصوصا أن مبني أمن الدولة كان الحيط في الحيط مع مدرستنا ناصر الثانوية و مما زاد علاقتنا بهم حميمية وجود جماعة اسلامية لها أمير من الطلبة في المدرسة أضف الي ذلك أن هذه السنوات الثلاث ٩٢و٩٣و٩٤ كانت زمرة الأحداث بين الاسلاميين المسلحين و الشرطة.....تخيل....مدرس معروف بالإسم شغال مخبر مهمته يكتب تقارير في الطلبة...اختفاء زملاء دراسة و عودتهم بعد حين في حالة اشبه بغسيل المخ....القاء قنبلة مولوتوف من المدرسة يوم جمعة راح ضحيته بواب المدرسة الغلبان رغم ان المدرسة عسكرية و فيها مجندين انما ماحدش طبعا هيقرب للجيش...بالاضافة الي كم لا نهائي من الاساطير و القصص عما يحدث داخل هذا المبني.....ده في تلات أدوار تحت الأرض...ده المعتقل بيفضل مغمض العينين علشان ما يعرفش مين اللي بيعذبوه...ده في ناس واخده نياشين في ابتكار أساليب التعذيب....

إن أمن الدولة في أسيوط مدرسة في القمع يجب أن تدرس في أعتي معاقل الدكتاتورية....لقد بدأ الجهاز بتصفية المسلحين الذين ضغطو علي الشرطة في الصعيد لفترات طويلة ثم التفت الي القوي السياسية الغير مسلحة و علي رأسها الإخوان و منهم الي من له انتماءات اخوانيه حتي و لو في الخفاء ثم كل من له علاقه بأي واحد له علاقه بالإخوان أو بالسياسة حتي و لو كانت العلاقه دي انه كان عضو في أسرة بالغلط و هو طالب فيها واحد إخوان...

كل هذا الرصيد التاريخي من القمع جعل المجتمع في أسيوط مستأنس منزوع الأنياب الي أبعد الحدود....بعد أن كانت مظاهرات جامعة أسيوط مشهد يكاد يكون يومي تحول المشهد لدرجة أنك أيام ثورة ٢٥ يناير و حتي ١١ فبراير اذا دخلت الجامعة يخيل اليك أنك في دولة أخري غير مصر....الشمس مشرقة...الجو صحو و العصافير تزقزق و لا أثر لما تحكي عنه القنوات العميلة مثل الجزيرة و شركاها....

و اليوم بعد تبدل المشهد و زوال الحال... هل استوعب الجهاز ما حدث؟؟ هل يمكن اصلاح هذا الجهاز و ادماجه في مؤسسات مصر الجديدة...أم أن ضباطه الذين عاشو طول فترة خدمتهم فيه يظنون أنهم فوق البشر لم يستوعبو الدرس و يصرون علي السير الي مصير مجهول؟؟. إن التاريخ أثبت أن حرس الملوك أنواع....منهم الثعلب الذي يختفي بمجرد وجود الخطر ثم يتحين الفرصة ليختطف فرخة و يفر هاربا... ومنهم الحرباء الذي يتلون بلون النظام الجديد و منهم الكلب... و الكلب حدود معرفته و ذكاؤه هي ما يريد سيده أن يدربه عليه....فإذا مات سيده ظل يفعل ما تدرب عليه بدون أي تفكير و بكثير جدا من قصر النظر و عدم استقراء النتائج (و جنت علي نفسها براقش)...إن جهاز أمن الدولة يسير علي النمط الثالث...هذا الجهاز الذي ظل عمره عصا النظام انهار دونه النظام و ظل هو العصا و لا يجد لنفسه و لا يتصور لها وظيفة الا الضرب و التكسير و التخريب....

إن هذه النفسيات و التركيبات بعيدة كل البعد عن أي أمل في الإصلاح و أي محاولة لذلك هي محض عبث و سيظل هذا التكوين طابور خامس يحاول النيل من تماسك المجتمع حتي يتم حله و محاكمة عناصره و أكثرهم مسيء... كيف لنا أن نصدق أننا قد بدأنا عهد الحرية في وجود هذا الكيان الذي كانت تسمع منه صرخات المعذبين في مشارق البلد و مغاربها و كنت لسذاجتي و أنا طفل التي أحمد الله عليها أظن أنها أصوات تدريبات أو ما إلي ذلك من شرطة النجدة المجاورة و اليوم لا يفارقني خاطر تخيل مشاعر من له قريب معتقل في هذا المكان البشع و هو يسمع مثل هذه الأصوات...

و لذلك فإننا لن نتوقف عن المطالبة بحل هذا الجهاز و مساءلة عناصره عما فعلوه بأبنائنا...أكتب هذه الخواطر فجر الجمعة ٢٥ فبراير ٢٠١١ و قد عقدنا العزم علي الخروج في تظاهرات عقب صلاة الظهر للمطالبة بحل أمن الدولة و محاكمة أذناب النظام تزامنا مع مليونية جمعة التطهير بميدان التحرير بإذن الله وسط تأكيدات من وزير الداخلية و آخرين أن حل أمن الدولة غير قانوني و أن مطالبنا تتسم بالتهريج و نحن نقول لهم لقد قلتم ذلك علي كل مطالبنا من يوم ٢٥ يناير و لقد تحقق اصعبها و خلينا نجرب....

هناك تعليق واحد:

  1. هذا التعليق بمناسبة قيام أبطال الأسكندرية باقتحام مبني أمن الدولة فجر السبت ٥ مارس ٢٠١٠ بمعاونة و حماية الجيش بعد محاصرة المبني الذي انطلقت منه طلقات الرصاص الحي و المولوتوف علي المتظاهرين طوال الليل....و قد ألقي الجيش القبض علي ضباط أمن الدولة و قام المتظاهرون بتحرير المعتقلين بالداخل...يبدو أن إرادة الشعب قد انتصرت مجددا...

    ردحذف