الاثنين، يناير 28، 2013

هكذا كانوا...رعية و حكاما (٣): كيف دخل النحو إلي اللغة؟

لما دخل العربان و العجم في دين الله أفواجا جاء سيدنا علي أمير المؤمنين بأبي الأسود الدؤلي و قال له يا أبا الأسود الناس يلحنون في كتاب الله فضع قواعد للغة فاعتذر أبو الأسود لجسامة المسؤولية. أحضر سيدنا علي أحد هؤلاء الذين دخلو في الاسلام حديثا و سأله أن يقرأ القرآن في طريق بيت أبي الأسود فجلس الرجل يقرأ "براءة من الله " من سورة التوبة حتي قرأ "أن الله بريء من المشركين و رسوله" قرأها الرجل بكسر اللام في رسوله، فخرج أبو الأسود منزعجا قائلا أوتبرأ الله من رسوله؟؟؟؟ و قرر أن يتصدي للمسؤولية ووضع علم النحو كما نعرفه و سمي نحوا لأن سيدنا علي أمتدحه قائلا ما أعظم النحو الذي نحوته يا أبا الأسود...
"إنا نحن نزلنا الذكر و إنا له لحافظون"
صدق الله العظيم

هكذا كانوا...رعية و حكاما (٢) طاووس بن كيسان و هشام بن عبد الملك

كان الخليفة هشام بن عبد الملك في البيت الحرام في موسم الحج وكان جالسا بين أصحابه من أهل الحجاز فقال لهم: ابحثوا لنا عن عالم يرشدنا إلى معرفة المزيد من أحكام الحج وسائر العبادات فبحثوا فوجدوا طاووس بن كيسان جالسا في إحدى زوايا الحرم فطلبوا منه أن يذهب معهم إلى الخليفة فلبى الطلب، فلما دخل عليه خلع نعليه بطرف بساطه، وسلم عليه من دون أن يدعوه بأمير المؤمنين كما كانت العامة تسلم عليه، بل خاطبه باسمه هشام دون أن يكنيه بكنيته . ثم جلس على بساطه قبل أن يسمح له بذلك، فكونت هذه التصرفات غضبا عميقا داخل نفس الخليفة حتى بدا الغيظ في ملامح وجهه، فأمسك الخليفة غيظه وكظمه وأخذ يوجه إلى العالم الجهبذ طاووس شيئا من العتاب الرقيق في نظره، فقال له: ما حملك يا طاووس على ما صنعت؟ فقال: وما الذي صنعته؟ فقال الخليفة: خلعت نعليك بحاشية بساطي.. ولم تقل يا أمير المؤمنين، وسميتني ولم تكنني، ثم جلست من غير إذني، فلما انتهى الخليفة من هذه الأسئلة أجاب طاووس بهدوء تام قائلا: أما خلع نعلي بحاشية بساطك فأنا أخلعها بين يدي رب العزة كل يوم خمس مرات وقد فعلها من هو أفضل منا جميعا وكذا خلفاؤه من بعده وسائر الأمة تفعله إذا وقفت بين يدي الله، وأما قولك: إني لم أسلم عليك بإمرة المؤمنين فلأن جميع المؤمنين ليسوا راضين بإمرتك، وقد خشيت أن أكون كاذبا إذا دعوتك بأمير المؤمنين، وأما قولك: إني ناديتك باسمك ولم أكنك فإن الجواب على ذلك أن الله عز وجل نادى أنبياءه بأسمائهم كما في القرآن الكريم، وكنى أعداءه وقد ورد هذا أيضا في القرآن الكريم، وأما الأخيرة وهي جلوسي قبل أن تأذن لي، فإني سمعت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول: إن أردت أن تنظر إلى رجل من أهل النار فانظر إلى رجل جالس وحوله قوم قيام بين يديه فكرهت أن تكون ذلك الرجل الذي عد من أهل النار والعياذ بالله. عندها لم يجرؤ هشام بن عبد الملك أن يتفوه بكلمة غير هذه الكلمة: عظني يا أبا عبد الرحمن فأخذ طاووس ابن كيسان يعظه ويذكره بعظم مسئوليته أمام الله عز وجل يوم القيامة، أن من لم يعدل في رعيته فإن هناك في الدار الآخرة أصناف العذاب تنتظره. وبعد أن انتهى العالم الناصح طاووس من موعظته قام وانصرف

هكذا كانوا...رعية و حكاما

أرسل هارون الرشيد إلي الامام مالك بن أنس رضي الله عنه و عن أبيه يطلبه ليستفتيه في بعض الشئون فرد مالك الرسول و قال له قل لأمير المؤمنين أن العلم يؤتي إليه و لا يذهب إلي أحد فأرسل هارون يطلب ميعادا للذهاب الي مالك فأخبره الأخير أن درس علمه في الروضة الشريفة بعد صلاة العصر و شدد عليه أن يأتي مبكرا لأنه إن تأخر و جاء يتخطي الرقاب ليجلس في مقدمة الصفوف فسوف يحرجه أمام الناس ...ذهب أمير المؤمنين قبيل صلاة العصر ظنا منه أن هذا هو (التبكير) فوجد الصفوف قد اصطفت منذ صلاة الظهر فما كان منه الا أن جلس في مؤخرة الصفوف فلما حضر الإمام مالك للدرس وجد هارون أنه لن يستطيع أن يري وجه الامام من موقعه و النظر الي وجه العالم عباده لا يفوتها مثل هارون فطلب كرسيا يجلس عليه ليري من فوق الصفوف...بدأ مالك حديثه بسؤال "إلاما وصلنا في درسنا الأخير؟" فأجابوه: الي فقه نواقض الوضوء...قال مالك: "إذن فلينتظر الفقه إلي الدرس القادم...سأحدثكم اليوم عن الولاية" ففهم هارون الرسالة و ترك كرسيه و جلس وسط الناس يستمع الي الدرس....
هل فهمتم يا من تحكمون باسم الاسلام؟؟؟