السبت، فبراير 26، 2011

حصان طروادة



في الأسطورة الإغريقية قام الآخيون بحصار طروادة لاستعادة هيلين زوجة مينالاوس ملك إسبارطة.
كان باريس قد اختطف هيلين أثناء زيارته إلى إسبارطة وأخذها إلىطروادة. استمر الحصار لعشر سنين فدب القنوط في نفوس الإغريق وأيقنوا أنهم لن يتمكنوا من الإستيلاء على المدينة.

عندئذ ارتأى أوليس اللجوء إلى الحيلة. فتظاهر الإغريق بأنهم على وشك إنهاء الحصار ومغادرة المكان. وكانت بعض سفنهم قد أبحرت لكنها توارت خلف جزيرة قريبة.

بعد ذلك قام الإغريق ببناء حصان خشبي عملاق وأعلنوا أنه سيكون تقدمة إلى الإلهة مينيرفا. ولكن بالحقيقة كان الحصان مملوءا بالمسحلين. أما بقية الإغريق فقد تركوا مواقعهم وأبحروا تاركين الحصان الكبير خارج أسوار المدينة.

فرح الطرواديون لِما اعتبروه مغادرة الإغريق مدينتهم ففتحوا بوابات المدينة وخرجوا منها مبتهجين. وقد أثار الحصان الخشبي فضولهم وأراد بعضهم سحبه إلى داخل أسوار المدينة، في حين كان آخرون متخوفين منه.

كبير الكهنة "لاكون" نصح الطرواديين كي يأخذوا حذرهم.
رمى الكاهن خاصرة الفرس الكبير بحربة فانطلق منها صوت عميق شبيه بالأنين. كان الناس على وشك تدمير الحصان عندما جيء بأحد السجناء الإغريق إلى وجهاء المدينة وكان يرتجف خوفا. قال لهم أنه إغريقي تركه محاصرو المدينة خلفهم بأمر من أوليس. وقاللهم أيضاً أن الحصان الخشبي صُنع بتلك الضخامة للحيلولة دون أخذه إلى المدينة من قِبل الطرواديين. وما أن سمعوا ذلك حتى تضاعفت رغبتهم في إدخاله إلى المدينة.

وفجأة ظهرت حيّتان جبارتان من البحر فهرب الناس المتجمهرون.الحيّتان أمسكتا بكل من لاكون وابنه وقتلتهما خنقا، فاعتبر الطرواديون أن تلك كانت علامة لاستياء مينيرفا والآلهة من تحذير لاكون للطرواديين من الحصان الخشبي. عندئذ نقلوه إلى داخل المدينة بطقوس رائعة وفرح كبير.

عند حلول الظلام قام سينون بمساعدة الإغريق المسلحين على الخروج من جسم الحصان ففتحوا بوابات المدينة ليسمحوا لإخوانهم الإغريق – الذين عادوا في الظلام – بالدخول إليها.

عندئذ أحرقت المدينة وأعمل الإغريق السيوف في الطرواديين وكانت تلك نهاية حروب طروادة.

أكتب هذه الخاطرة في أعقاب أحداث يوم الغدر....يوم غدر الجيش برجال الثورة المعتصمين في ميدان التحرير فجر يوم السبت ٢٦ فبراير حينما أرادو المبيت بالميدان عقب مظاهرات جمعة التطهير ٢٥ فبراير ٢٠١١...سبحان مغير الأحوال...هل هذا هو الجيش الذي استقبله الشعب يوم ٢٨ يناير بالتهليل و الحب و المودة؟؟ هل هذا هو الجيش الذي سمح للمتظاهرين باعتلاء مدرعاته بل و كتابة شعارات مضادة للنظام بجوار شعار الحرس الجمهوري؟؟ هل هذا هو الجيش الذي جعلنا نشعر أن بالرغم من غياب الشرطة فإن اللجان الشعبية المسنودة بالجيش هي قمة الأمن للشعب؟؟

ما هو التحول الذي حدث؟؟ هل اليوم أصبح حظر التجول مهم للغاية لدرجة أن يخسر الجيش سمعته في الشارع؟؟ و هل هذا الحظر يستلزم نزول قوات خاصة ٩٩٩ و ٧٧٧ "ملثمة" لسحل المعتصمين؟؟؟ ثم اليس هذا الحظر نفسه ما استمر تحت غطائه الاعتصام الأول لمدة ١٨ يوم؟؟ ماذا أضيف للمعادلة؟؟ هل هو حرص غريب غير مفسر علي أحمد شفيق و حكومته؟؟ أم هي الثورة المضادة يقودها أحدهم من شرم الشيخ؟؟ أم أن الجيش المصري بكل جنوده و مدرعاته و مجلسه الأعلي هو حصان طروادة بمفهوم القرن ٢١؟؟ الحصان اليوم يتحدث....يحاور...يقنع....يتودد...لا يفرض ارادته.

لقد اقنعنا صاحب الحصان أنه قد تواري عن المشهد هو و جهاز أمنه الذي طالما أذل مصر و شعبها و ترك لنا الحصان بدروعه و نجومه اللامعة...يحاورنا و نحاوره فيستجيب أو يعلن الاستجابه....يقارعنا الحجة بالحجة بل و يقنعنا أنه أمننا من غدر الزمان....أعجبتنا شهامته و تحمله لسخافاتنا و صرنا نسهر علي قصص بطولاته و أعجبتنا فكرة رده لجميل كنا قد قدمناه قبل ٦٠ عام....حتي اذا زال حاجز الخوف و خفت حدة التحفز -حتي ان بعض الشباب الأكثر ايمانا بالثورة و بضرورة تطهير البلاد من كل أثر للنظام القديم أقسم علي عدم العودة للتحرير لتخفيف الضغط-....سقط القناع و خرجت علينا من جنبات الحصان وجوه كنا قد نسيناها و أحرقناها في جمعة الغضب و لكن في زي جديد...تضرب و تسحل و تروع و تطارد....

أيها الحصان انك لم تلعب دورك كما يجب....لم تعي درس جدك القديم....لقد أظهرت لنا وجهك الحقيقي و اكتشفنا خدعتك باقل التكاليف...و إن لنا كرة نحن لها مستعدون....

مصدر القصة التاريخية: مدونة سائد العمايرة من فلسطين
http://saed9.maktoobblog.com/1392217/قصة-حصان-طروادة/ 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق